Interviste

الوسيني: مغاربة الخارج يدفعون ثمن الصورة الرديئة للإسلام

صدر في سنة 1998 كتاب “قتل العربي” للإعلامي المغربي المقيم في إيطاليا زهير الوسيني، وهو المؤلف الذي تطرق لصورة الإنسان العربي في وسائل الإعلام الغربية عبر مجموعة من الأمثلة التي جسدت انحطاط هذه الصورة ورداءتها في المتخيل الغربي.

الكتاب تمت ترجمته إلى الغة الإسبانية مباشرة بعد أحداث سبتمبر 2001، لاعتباره كتابا استشرف واقعا معقدا وتنبأ، بشكل ما، بعدد من الإعصارات التي عاشتها وتعيشها المجتمعات العربية اليوم.

إشكالية الصورة والعلاقة مع الآخر عبر استعمال وسائل الإعلام كانت حافزا لزهير الوسيني لطرح مجموعة من القضايا الشائكة، والتي تتمحور، أساسا، حول الإرهاب وتنظيماته المنتمية للتيارات الإسلامية المتشددة، وكيفية تأثيرها في تكريس صورة نمطية تحاول الربط بشكل أوتوماتيكي بين الدين الإسلامي والعمليات الإرهابية، التي أصبحت سرطانا ينخر الجسد العربي أولا قبل أن يكون آفة يعاني منها العالم برمته.

الوسيني، الذي يشتغل في هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيطالية “الراي RAI” ويحاضر في مجموعة من الجامعات الإيطالية والإسبانية حول مواضيع مرتبطة بمجال اختصاصه، أفردت له صحيفة “لا ريبوبليكا” مقالا باعتباره أول مسلم يطل على القراء بافتتاحيات على صحيفة الفاتيكان “لوسيرفاتوري رومانو”

ويجيب الإعلامي زهير الوسيني في حوار مع هسبريس على مجموعة من الأسئلة المرتبطة بالواقع الحالي في العالم العربي، ونظرته للواقع المغربي.

– هل لازلنا في مرحلة “قتل العربي”؟

للأسف الشديد الوضع تدهور أكثر مما كنت أتصور، العالم العربي فقد السيطرة على مصيره وأصبح مجرد كيان يتحرك على هامش التاريخ، بالطبع الصورة الإعلامية هي مجرد انعكاس لهذا الواقع المزري، وأتخيل أن الأمور ستزيد سوءً إذا لم يتم تحليل خلفيات هذه الصورة بشكل يتلاءم مع التغييرات السريعة التي يعرفها العالم.

لم يعد هناك مجال للارتجال، ما نحتاجه اليوم هو بناء تصور فلسفي عام يشكل خلفية لأصحاب القرار حتى يمكن الانطلاق، عبر مراحل، نحو آفاق تمكن العالم العربي من الخروج من هذا النفق المظلم الذي طال أمد التواجد فيه، نحن كمغاربة يجب أن نقوم بدورنا لأسباب عديدة: أولا لأننا جزء من هذا الواقع العربي ولنا وضع جغرافي، تاريخي وثقافي يسمح لنا بلعب دور أكبر من ذلك الذي نقوم به، ثانيا لأن لدينا جالية كبيرة تعيش في أوروبا.

المغاربة المقيمون في الخارج هم أول من يدفع ثمن الصورة الرديئة للإسلام والمسلمين، ولحد الآن كل المجهودات المنصبة في اتجاه تحسين صورة المغرب عالميا لم تتعدى عمليات “ماركتينغ” موسمية عوض خلق تصور شامل يأخذ بعين الاعتبار توجهات الرأي العام الغربي واستغلال هذه اللحظة التاريخية التي يمر بها بلدنا الذي عرف تغييرات كثيرة (أغلبها إيجابي) لم نحسن لحد الآن استثمارها بشكل ملائم.

– هناك من يعتقد أن معاناة العالم العربي هي وليدة مشروع غربي توسعي؟

في نظري هذا تصور يزيد الطين بلة لأنه يلغي جانب الإرادة ويحاول تحميل كل المسؤولية للآخر، هناك مسؤولية تاريخية يتحملها الغرب الاستعماري ولكن هناك جانب كبير من المسؤولية نتحمله نحن.

هي مسؤولية الجميع بالرغم من كون المسؤولية الكبرى يتحملها من يديرون دفة الحكم في هاته البلدان، فالتغيير يحتاج إلى وعي وإحساس بأنك جزء فعال في المجتمع، حينما يحس المرء بأن الدولة تحترمه وتعامله كمواطن، فإنه يعمل كل ما في جهده لخدمة بلده.

عالم اليوم يحتاج إلى مجتمع متماسك ومؤسسات حقيقية قوية لمواجهة التغييرات الكونية السريعة، والدول اليوم هي مثل الشركات تحتاج إلى أطر ذات تكوين رفيع وإعطاء الأولوية للأهداف والنتائج، انتهى زمن الارتجال، من لم يستوعب جيدا هذا المفهوم فمآله الإفلاس، فكل الدول تدافع عن مصالحها، بل إن الغرب لا يدافع إلا عن مصالحه وهذا حقه، المشكلة هو أننا لا نعي ولا نعرف إلى يومنا هذا أين توجد مصالحنا، فالأحرى أن نحسن الدفاع عنها.

– في هذا السياق كيف ترى الواقع المغربي وأنت تعيش منذ سنوات في أوروبا؟

الصورة التي أراها من بعيد هي مشابهة جداً لوضع متفرج على مباراة لكرة القدم، أي أنني أرى “المباراة” من بعيد وكل أحكامي تنطلق من وسائل الإعلام التي أقرأها، الصورة العامة ليست رديئة، أكيد أن هناك تحسنا كبيرا في ما يتعلق بالحريات العامة، هناك كذلك تحولات اقتصادية واجتماعية كبيرة.

أكيد أن من يعيش داخل المغرب هو أكثر إلماما بواقع الأمور، ولكنني كلما عدت إلى المغرب أرى أمورا كثيرة إيجابية وأخرى سلبية، أي أننا في نهاية الأمر مثلنا مثل كل المجتمعات الحية، ولدي انطباع أنه يمكننا أن نكون أفضل، وأنه لدينا، كمغاربة، كل الموارد لكي نسير في اتجاه الدول المتقدمة، في بعض الأحيان أحس أننا نتحرك ببطء شديد، وفي أحيان أخرى هناك أمور لا أفهمها بتاتا.

ما هي الأشياء التي لا تفهمها؟

مثلا؛ تابعت مظاهرة أمام البرلمان من تنظيم حركة 20 فبراير، لم أفهم لماذا كان هناك من ينادي “عاش الملك”، لم يكن هناك أي مبرر لهذا التصرف “المخزني” المبالغ فيه، فالعاهل المغربي يجب تركه بعيدا عن هذه الصراعات، لأنه فوق الجميع ويجب أن يبقى كذلك، والمؤسسة الملكية لها دور دستوري محدد، علينا جميعا احترامه.

مثلا أيضا؛ لم أفهم رسالة مدفوعة الثمن كتبها وزير الاتصال لصحيفة أمريكية ينتقد فيها قرارات إحدى المنظمات الحقوقية، ما هو المقصود وما هي الغاية؟ أعترف أنني لم أفهم.

لا أفهم الطريقة التي نواجه بها العالم ساعة الدفاع عن قضية الصحراء، أرى أخطاء تواصلية فظيعة تسيء للموقف المغربي وتصب في صالح دعاة الانفصال.

أرى أخطاء متعددة في الخطاب المغربي نابعة عن جهل حقيقي بالعقلية الغربية، حيث لا يوجد أي تصور إعلامي في زمن كل شيء يمر عبر الإعلام، وهناك فقط هاجس أمني يجعل “موالين الحال” يريدون الصحافي مجرد خادم في سراياهم أو عدو يجب محاربته أو رشوته.

في الحقل الإعلامي أعترف بأنني لا أفهم الطريقة التي يتم بها تسيير هذا المجال الحيوي اليوم، في إيطاليا مثلا، لا توجد مؤسسة حكومية بدون فريق صحافي يعمل ليل نهار للبحث عن أنجع الطرق للتواصل مع الإعلام المحلي، بل هناك مستشفيات ومدارس لها مسؤول عن العلاقات مع الصحافة.

في المغرب هناك خوف مؤسساتي من المعلومة وتوفيرها بشفافية، وهناك خوف ربما يعود لزمن بائد لم نستطع لحد الآن تجاوزه، أتذكر شعارا كان يرفعه أحد المسؤولين: “الحاجة لّي تْخلّيك خليها!”

أعتقد أن كل التحولات التي يشهدها المغرب ستكون ناقصة إذا لم يتم حل إشكالية الإعلام، ولن يكون هناك إعلام حقيقي بدون حرية حقيقية، وأتذكر في هذا السياق جملة لرئيس يوغوسلافيا الأسبق، تيتو، قالها لجمال عبد الناصر حينما برر إغلاق صحيفة بكونها “خطر على النظام”، (قال) “النظام الذي يعتبر صحيفة خطرا عليه ليس بنظام”.

مغرب اليوم له من الاستقرار والقوة ما يكفيه لكي يكون أكثر ثقة في نفسه ويعمد إلى تزويد صحافييه بالقوانين الضرورية لبناء إعلام حر، ولم يعد هناك مجال لعمليات “الماركتينغ”، المراتب المتأخرة في ما يتعلق بحرية الإعلام على المستوى العالمي هي أكبر دليل على أننا لا نقنع أحدا بأننا نسير في الطريق الصحيح.

Leave a Reply

Il tuo indirizzo email non sarà pubblicato. I campi obbligatori sono contrassegnati *

Marocco, Islam

Exit mobile version